6 شهور مهمة في بناء مخ الإنسان











حاجات مولود بعد وصوله من المستشفى واضحة فهو يحتاج إلى الرضاعة وتغيير الحفاظ والاستحمام والحب والأمان, وكثير من كتب رعاية الأطفال توضح ذلك, وملايين الجدات لديهن خبرة في ذلك ولكن لأن حاجات مخ المولود ـ المتسارع النمو ـ ليست بهذا الوضوح عادة ما يتم تجاهلها أو تُفهم بطريقة خاطئة أو يترك نموها للصدفة وللأسف فإن كثيرًا من طرق اهتمامنا بالطفل ورعايته تحجم نمو ذكائه, والطفل قبل ولادته يكون قد أتم تكوين ما يقرب من 100 بليون خلية عصبية وهي كل ما يحل عليه طوال حياته, ولكن الوصلات العصبية بين هذه الخلايا تتكون بمعدل عال خلال مرحلة الطفولة المبكرة ويحسن نشاط الممرات العصبية المؤدية إلى المخ نموًا جزئيًا.



أهم 6 شهور في حياة الإنسان!!



ويقود د. Lipsit من Brown university: يتسارع نمو مخ الطفل في آخر 3 شهور من المرحلة الجنينية وأول ثلاث أشهر بعد ولادته ـ بشكل لا يتكرر مرة أخرى في حياة الطفل! ونقف عاجزين أمام هذه الظاهرة الرائعة ـ وبنفس الإبهار يكون معدل تعلم الطفل الرضيع!



وتتضمن جميع مراحل النمو مدخلات هائلة ـ وتقدير الرضيع للمثيرات الحسية وتسجيلها في الذاكرة وتغير السلوك يؤدي إلى التعلم! فبيئة الرضيع الأولى والعدد الكبير من المثيرات الحسية التي يستقبلها هي التي تبني المخ وتعزز نمو القدرات العقلية!



البيئة المحيطة بالطفل هي المعلم الأول!!



وعمليات النمو المتسارعة خلال الأعوام الأولى من عمر الطفل لا تتم بالصدفة أو بشكل مبرمج، بل إن سرعتها وحدودها ومداها هي دالة مباشرة على كم ونوع المثيرات التي يتلقاها من البيئة المحيطة!

يتعلم مخ الطفل خلال الساعات الأولى من حياته ـ عن طريق المثيرات الحسية والنشاط الحركي ـ ولأن أدوات الرضيع من التواصل مع من حوله محدودة لأنه لا يستطيع المشي أو التحدث، لذلك فإننا نجد من حوله لا يعتنون بهذا الأمر!!



فالكم الكبير من المثيرات الحسية ضروري لإعطاء مخ الطفل المعلومات الأساسية التي يستخدمها في الوظائف المختلفة وتكوين المفاهيم وخلال الأعوام الأولى من عمر الطفل تكون قدرة المخ أفضل ما يمكن على تسجيل الأمان وما هو متعارف عليه ـ للتعلم من خلال كم متنوع من المثيرات الحسية، فالطفل يحتاج إلى خبرات واسعة في السمع والرؤية واللمس والحركة والتذوق والشم!



ولكن مخ الطفل ليس قرص كمبيوتر فارغ يمكنك أن تكتب عليه ما شئت أو تخزن عليه أي بيانات ـ فالجينات الموروثة وخبرات ما قبل الولادة تتفاعل ـ حتى قبل الولادة ـ لتشكل أساس الشخصية والمزاج ـ الذي يحدد طبيعة التعلم وتهيئة الفرصة التعليمية هو أحد قواعد التربية الوالدية!



دراسة د. وايت حول أثر الوراثة والبيئة:



يظهر أثر البيئة من خلال بحوث د. White التي أجرها منذ سنوات ـ على أطفال رضع منذ الميلاد حتى 6 شهور ـ والتي يوضح فيها أثر الوراثة والبيئة على الطفل.



وحيث إن الأجواء المنزلية تختلف ويصعب تحديدها ـ فقد قام بدراسة في مستشفى Massachusetts ـ على أطفال ينتظرون التبني خلال عدة أسابيع أو أشهر, وفي هذا الوقت كان جميع الأطفال يتعرضون لنفس المؤثرات والتي عززها الباحثون ونوعها بطرق يمكن قياسها!



في البداية راقب الباحثون المجموعة الضابطة جيدًا لفترات طويلة وسجلوا ما يفعل الطفل الرضيع في الدقيقة أثناء فترة اليقظة ولقد طوروا أدوات خاصة لقياس قدرات الأطفال على التركيز وتتبع الأشياء المتحركة وتسجيل رد فعل العين 'طرف العين' إذا اقتربت منها الأشياء!



كان أطفال المجموعة الضابطة مستقلين على ظهورهم فوق مهاد مبطن بوسادات متينة! ويتمتعون بصحة بدنية وعقلية جيدة.



يتلقون الغذاء كل أربع ساعات ويغير الحفاظ عند الضرورة يغتسلون يوميًا ـ ويقوم بذلك ممرضات مخلصات ولكن مشغولات جدًا.



نمو النشاط البصري للطفل الوليد:



والطفل الوليد نشيط بصريًا ـ وينبته ببصره خلال الأسابيع الأولى بزيادة إلى العالم حوله! وإذا بلغ عمره 50 يومًا يكتشف يده بواسطة عينه، وينبهر بأصابعه ويزداد الانتباه البصري ليصل إلى 35% من ساعات النهار بوصوله 60 يومًا!



وخلال الأسابيع القليلة التالية ـ يقضي الرضيع معظم أوقات اليقظة في مراقبة حركة قبضة يده وأصابعه!



وتتناقص تدريجيًا مراقبة حركة اليد بين عمر 13 ـ 15 أسبوعًا في المجموعة الضابطة ولكن يحدث تدفق في النشاط البصري في عمره 105 ـ 120 يومًا حيث يوضع الأطفال في أسرة تتيح لهم المزيد من مجال الرؤية ويزداد الانتباه البصري في هذه المرحلة إلى 50%.



وقد درس د. White قدرات الأطفال على تتبع الأشياء أثناء اقترابها أو ابتعادها ـ ووجد أنه حتى عمر 30 يومًا يستطيع الرضيع التركيز وتتبع أثر شيء متحرك على مسافة محددة وهي 7,5 بوصة من عينيه وبوصوله 45 يومًا تتحسن حالته البصرية ليصل إلى مهارات بصرية تقترب من مهارات الكبار عند 4 شهور!



نمو العضلات:



وتم كذلك دراسة خطوات تعلم الطفل للتنسيق الحركي ليده وعينيه حتى يستطيع الوصول إلى إمساك ما تراه عيناه!



وفي عمر شهرين ـ يبدأ أطفال المجموعة الضابطة بضرب الأشياء بأيديهم بشكل عشوائي وبوصولهم 78 يومًا استطاعوا رفع يد واحدة عمدًا وبعد عدة أيام رفعوا اليدين معًا!



وبعد وصولهم إلى 3 أشهر بقليل يجمع يده أمامه ليمسك بشيء تقدمه له!



وفي عمر 15 أسبوعًا استطاع الأطفال التوجه نحو شيء يرونه، وبعد 18 أسبوعًا يستطيع التقدير ـ وذلك بتحريك يد واحدة نحو الشيء والتدقيق فيه قبل أي تلامس معه!



وتظهر لديه مهارة اليد الواحدة بمساعدة العينين في عمر 150 يومًا.



وتمتد مرحلة تناسق نمو اليد والعين بين 25 يوم و5 أشهر ويمكن أن تقل عن ذلك حسب درجة إثراء بيئة الطفل!



أصبحوا أكثر نشاطًا وانتباهًا بسبب المؤثرات البيئية!!



بعد تسجيل بيانات النمو الخاصة بالأطفال بدأ الفريق البحثي بتغيير وإثراء البيئة المحيطة للمجموعة التجريبية، خصص للممرضات 20 دقيقة إضافية يوميًا للاهتمام بهم بين عمر 6 ـ 36 يومًا، وبعد هذه الفترة كان هؤلاء الأطفال أنشط بصريًا من المجموعة الضابطة ولكنهم استمروا على نفس جدول النمو وتم إضافة مزيد من المؤثرات لمجموعة أخرى من الأطفال فاستبدلت الوسادات بأخرى ملونة وأغطية عليها رسوم وذلك في عمر 37 يومًا, وبعد كل مدة يتناول فيها الغداء يوضع الطفل على بطنه فيستطيع رؤية الأنشطة المختلفة لأجنحة المستشفى حوله, وتم تثبيت قائم على كل مهد ليطالعه الطفل ويحتوي هذا القائم على مرآة صغيرة ويستطيع الإمساك بها، ومكبس مطاطي يحدث صوتًا بالإضافة على بعض الزينة الملونة، ووضعت هذه الأشياء على مساحات مختلفة من عين الطفل ووضع القائم فوق رأسه حتى يسهل عليه رؤيته, فلوحظ أن الأطفال في هذه الظروف كانوا أبطأ قليلاً في مراقبة حركات أيديهم وغير منتبهين بصريًا في بداية المرحلة التجريبية, ولكن بعد فترة بسيطة أصبحوا أكثر انتباهًا ونشاطًا من المجموعة التجريبية، ففي أقل من شهر تعلم كيف يصل إلى الأشياء ويمسكها بدقة وهي مهارة تتطلب ثلاثة أشهر من أطفال المجموعة الضابطة، حتى تتكون ووصلوا إلى مرحلة الإمساك المميزة في عمر 90 يومًا وهو أبكر شهرين عن أطفال المجموعة الضابطة, وقام الفريق البحثي بتعديل المؤثرات البيئية لمجموعة ثالثة من الأطفال فبدلاً من القائم الذي يوضع فوق مهد الطفل وعمره 37 يومًا وضع عضاضة ذات خلفية بيضاء وحمراء على كل جانب من جوانب الفراش وعلى مسافة بسيطة من عين الطفل وتم استبدالها في اليوم 68 بالقائم الملون.



هؤلاء الأطفال كانوا الأسرع لأن المؤثرات البيئية كانت أكثر ارتباطًا بحاجاتهم الأساسية فكانوا أكثر نشاطًا وانتباهًا من المجموعات الأخرى فبدءوا بضرب الأشياء بشكل عشوائي قبل أطفال المجموعة الضابطة بعدة أيام وبدءوا بتوجيه أيديهم بصريًا نحو الأشياء في عمر 65 يومًا أي قبل 20 يومًا من الأطفال العاديين ووصلوا إلى مهارة الالتقاط المميز في عمر 89 يومًا بينما يصل الأطفال الآخرون لها في عمر 150 يومًا.



وقد أوضحت تجارب د. وايت إلى أي مدى يمكن تعجيل مراحل النمو في الطفولة المبكرة تغيير المؤثرات البيئية وقد تؤدي تغيرات بسيطة إلى ثمار هائلة.



من عمر 3 شهور يتعلم الكثير!!



وقد أطلق د. وايت على هذه التغيرات تغيرات مذهلة، فعندما يستطيع الطفل الوصول إلى الأشياء وإمساكها والتعلم من حاسة اللمس في عمر 3 شهور ـ يستطيع تعلم المزيد وتزداد رغبته في التعلم عن الأطفال والآخرين، فالطفل الذي ينتبه بصريًا بنسبة 45% يـتعلم أكثر من الطفـل الـذي ينتبه بنسبة 20%.



فيما يلي التوجهات التي توضح بعض التوقعات أثناء نمو الطفل وكيفية تعزيز التعلم والدليل الأهم في ذلك هو ردود أفعال الطفل.



أولا: الطفل الوليد من الميلاد إلى ستة أشهر:



ينتقل الطفل لحظة الميلاد من عالم آمن ودافئ إلى عالم جديد من الأضواء والأصوات والروائح والاحتكاك الإنساني والحرية المخيفة. قد يتعب بسبب عملية الولادة الطويلة وعليه أن يتكيف مع حاجاته الجديدة من التنفس والحياة خارج الرحم وخارج جسم الأم ومنذ اللحظات الأولى حينما يوضع على بطن أمه ويجد طريقه إلى صدرها يبدأ التعلم فإذا اختبر الطفل أثناء اليوم الأول من حياته أو الأيام القليلة الأولى يتضح أنه يستطيع تركيز عينيه على الأشكال وتسجيل السعادة على وجهه ويبرهن أنه يتعلم بظهور الملل بعد فتة وتفضيله لأشكال أخرى أكثر تعقيدًا وانتباهه للتصميمات الجديدة أكثر من الأشكال المكررة!



عمره 12 ساعة يميز بين الروائح!



ويستطيع الطفل إذا بلغ عمره 12 ساعة ملاحظة الفروق بين الروائح ويظهر ذلك على تعبيرات وجهه، فالطفل الوليد يستمتع برائحة الموز والفانيليا والفراولة ولكن يكره الروائح النفاذة كالبيض الفاسد والسمك وهذا ما أكدته التجارب ومن عمر 1 :6 أيام يستطيع الطفل تحديد مصدر الرائحة الكريهة ويبتعد عنها. يمتعض الطفل إذا وضعت قطرة من عصير الليمون على لسانه بينما يستعذب بشكل واضح نقطة من الماء المحلي بالسكر حتى التركيزات المختلفة للسكر في الماء يستطيع التعرف عليها. ويتضح ذلك بزيادة الامتصاص عند زيادة تركيز السكر، وبوصول الطفل إلى عمر 12 يومًا يستطيع القيام بعمل معقد وكأنه يقلد الكبار في عملية إخراج اللسان, فإذا وضع في فمه مصاصة أو عضاضة فلا يمكنه أن يفعل ذلك ولكنه يتذكر ما يريد أن يفعل ويقوم بإخراج لسانه عندما تبعد الأم المصاصة عن فمه.

الموضوعالأصلي : 6 شهور مهمة في بناء مخ الإنسان   المصدر : منتديات شريوف  الكاتب:  أبن شريوف

الله عليك يادكتور

الموضوعالأصلي : 6 شهور مهمة في بناء مخ الإنسان   المصدر : منتديات شريوف  الكاتب:  ابو حمد